الصحف الأمريكية: إطلاق نور بادرة حسن نية من مبارك لإدارة أوباما

قبل يومين اثنين فقط من الإفراج المفاجئ والمثير عن د. أيمن نور مساء يوم الأربعاء الماضى كانت صحيفة «الواشنطن بوست» أكبر الصحف الأمريكية قد نشرت واحدة من افتتاحياتها المثيرة التى تخص مصر تحت عنوان «راقبوا ذلك الترحيب» وقالت الصحيفة فى مقدمة افتتاحيتها هل سيقوم باراك أوباما بمعانقة حكام الشرق الأوسط المستبدين من غير شروط؟ حسنى مبارك يتمنى ذلك. ويقول نص الافتتاحية «لقد مرت تقريبًا 5 سنوات منذ أن زار الرئيس المصرى حسنى مبارك واشنطن. لقد قاطع رجل مصر القوى زيارة جورج بوش طوال فترة رئاسته الثانية بسبب جهود بوش لدعم الليبرالية والانفتاح السياسى فى مصر. ولكن الآن ومع مجيء إدارة يبدو أنها متشككة من أجندة الحرية التى كانت تتبناها الإدارة السابقة عليها فإن مبارك الذى يبلغ من العمر 08 عامًا أصبح متلهفًا على الرجوع بعقارب الساعة والعودة للزمن الجميل الذى كان يتمتع فيه بعلاقة حميمية مع واشنطن، التى كانت تنعكس فى الحصول على 2 مليار دولار مساعدات أمريكية كل عام، وتجاهل من الإدارات من البيت الأبيض لكل عمليات القمع التى يقوم بها نظامه لكل أطياف المعارضة بما فى ذلك نشطاء دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان. ويقال الآن إن مبارك يسعى للحصول على ميعاد لمقابلة باراك أوباما خلال الشهرين المقبلين. ولا شك أن أوباما لا يريد أن يزدرى الرئيس المصرى علانية. ولكن من الحيوى أيضًا ألا يمنح مبارك دعوة مفتوحة غير مشروطة، فالحكومات عبر الشرق الأوسط علاوة على العرب الكثيرين الذين يعملون من أجل إحداث تغيير ديمقراطى فى بلادهم سوف يراقبون ويتابعون ما إذا كان الحاكم المصرى سوف يتمكن من الحصول على تصريح مرور مجانى للبيت الأبيض، لو حصل مبارك على هذا التصريح المجانى فإن إدارة أوباما ستكون بذلك قد أرسلت رسالة للمنطقة كلها مفادها أنها تبارك استعادة الأوضاع الراهنة الفاسدة التى كانت تؤيد فيها الولايات المتحدة الديكتاتوريين العرب مقابل مساعدتهم لتحقيق المصالح الاستراتيجية الأمريكية، إن ذلك الفعل لو حدث سوف يصيب بخسارة فادحة محاولات أوباما استعادة مصداقية وبرستيج الولايات المتحدة، خاصة أمام الملايين من العرب العلمانيين ورجال «الطبقة الوسطي» الذى يعانون من الديكتاتورية الفاسدة التى تحكمهم. طبعًا سوف يقول حلفاء مبارك إنه يستحق جائزة من أجل جهود مصر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس فى غزة، ولكن تلك الدبلوماسية التى عليها أن تحقق نتائج أولاً تحركت فى الأساس بالكامل لتحقيق مصالح مصر، إن القاهرة تسعى لإجهاض أى محاولات جديدة لاندلاع النيران على حدودها ولكنها أيضًا قاومت أى إجراءات حاسمة لوقف عمليات تهريب السلاح من حماس، والمعارضين السلميين الذين سعوا للتظاهر بصورة سلمية ضد سياسة حكومتهم تعرضوا لقمع وحشي. كما أن قمع مبارك لخصوم نظامه الآخرين قد ازداد أيضًا بصورة ملحوظة منذ انتخاب أوباما، كما قامت النيابة المصرية التابعة للحكومة بتوجيه تهم خيانة فى محكمة أمن دولة ضد النشط المنشق سعد الدين إبراهيم مما اضطره للعيش فى المنفى بعد أن قام بمصافحة جورج بوش باليد فى مؤتمر فى براغ عام 7002 لدعم نشطاء الديمقراطية، والتهم الجديدة تعتمد على أن سعد الدين إبراهيم قام بكتابة مقالات لـ «الواشنطن بوست» وكان آخرها مقال كتبه ونشر على الصفحة المقابلة «من البوست» بتاريخ 02 ديسمبر، ويطالب فيه أوباما بألا يجعل من القاهرة أول عاصمة إسلامية يقوم بزيارتها. وهناك أسلوب بسيط جدًا يمكن أن يوضح به أوباما لـ «مبارك» سياسته فى عدم التسامح مع القمع: يمكنه أن يتبع نصيحة إبراهيم وأن يدع مبارك يعرف بكل هدوء أنه سوف يرحب به فى البيت الأبيض بمجرد أن يتم إسقاط التهم ضد سعد الدين إبراهيم وإطلاق سراح المرشح الرئاسى السابق أيمن نور من السجن، على أوباما أن يقول لـ «مبارك» إن هاتين خطوتان بسيطتان جدًا، أما إذا رفض مبارك فلماذا يكلف أوباما نفسه ويحقق رغبة رجل مصر القوى فى الظهور علانية معه، وأن يحصل هذا الديكتاتور على شرعية من رئيس جديد يتمتع بكل شعبية، وانتهت افتتاحية «الواشنطن بوست» التى سبقت الإفراج عن أيمن نور بيومين». من ناحية أخرى كانت صحيفة أمريكية كبرى أخرى هى «النيويورك تايمز» قد نشرت بتاريخ 03 يناير الماضى تحقيقًا مثيرًا للصحفية هيلين كوبر المتخصصة فى شئون الشرق الأوسط ومصر بالتحديد تحت عنوان «لماذا الحديث بنعومة عن دعم الديمقراطية؟» وذكرت من التحقيق أن مايكل ماكفول مستشار الرئيس أوباما لقضايا الديمقراطية قد قام بإعداد ورقة العام الماضى عن كيف يمكن لإدارة أمريكية دعم قضايا الديمقراطية فى الخارج، وفى هذه الورقة قال ماكفون «إن الرئيس بوش ألقى عددا كبيرا من الخطابات النبيلة عن أسباب وقوف الولايات المتحدة بجوار الحرية وكيف أنه رغم كل هذه الخطابات فإن النظام فى مصر مازال يحتجز أيمن نور فى السجن، وأيمن نور كان المرشح الرئيسى ضد الرئيس حسنى مبارك فى الانتخابات الرئاسية، ويقول ماكفول إن جورج بوش أثار قضية أيمن نور مع مبارك مرات عديدة كان آخرها شهر مايو الماضى عندما قام بزيارة شرم الشيخ لأنه كان يعتقد أن أيمن نور مسجون ظلما وأنه لا يستحق ذلك، كما أن كوندليزا رايس حاولت مرات عديدة إثارة قضية نور مع مبارك من ناحية أخرى قالت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» ثالث أكبر الصحف الأمريكية تعقيبا على الإفراج عن أيمن نور فى تحقيق لها عن القاهرة تحت عنوان «مصر تفرج بصورة متوقعة عن معتقل سياسي»، إن إطلاق سراح نور يمثل إشارة حسن نية واضحة ناحية الإدارة الأمريكية الجديدة. وقالت «تايمز» إن اعتقال نور كان جزءًا من حملة شرسة من قبل الحزب الوطنى الحاكم فى مصر لإسكات صوت المعارضين، رغم كل المناشدات من مجموعات حقوق الإنسان الدولية. وقالت «تايمز» إن إطلاق سراح أيمن نور يأتى وسط أحاديث بأن وزيرة الخارجية الأمريكية من المحتمل أن تقوم بزيارة مصر لحضور مؤتمر المانحين حول تعمير غزة. وقد حاول نور التواصل مع أوباما أثناء حملته الانتخابية الرئاسية، وفى شهر أغسطس أرسل رسالة لـ «أوباما» من السجن يدعوه لتحقيق أحلام الإصلاحيين العرب فى الحصول على الديمقراطية والتغيير. بالإضافة إلى ذلك تقول معلومات إن السفيرة الأمريكية مرجريت سكوبى ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى والمرشح الرئاسى الأسبق جون كيرى قد أثار موضوع الإصلاح السياسى فى مصر وقضيتى أيمن نور وسعد الدين إبراهيم أثناء اللقاء الذى جمعهما بالرئيس مبارك الأسبوع الماضى، وأكدا له مدى أهمية هذه القضية بالنسبة لإدارة أوباما، وأن استمرارها دون حل سوف يسبب للرئيس الجديد حرجا شديدا قد يمنعه من مقابلة الرئيس المصرى فى القريب العاجل.